يعتقد الباحث أن جلال الدين السيوطي لا يملك موقفاً من الأغلاط اللغوية، على الرغم من أن مؤلفاته (1) تُنبئ بعكس ذلك، وتشير إلى اهتمامه بهذا الحقل الذي شغل سابقيه (2) ذلك أن ثبت مؤلفات السيوطي يضم مخطوطة (3) في ثمان وعشرين ورقة، عنوانها "غلطات العوامّ"، تدل دلالة مباشرة على اهتمام السيوطي بموضوع الأغلاط اللغوية. ولكن هذه المخطوطة لم تحقق لأن المعنيين بكتب اللحن أيقنوا (4) بعد فحصها من أنها كتاب "تقويم اللسان" لابن الجوزي المتوفى سنة 597ه، وأنه ليس للسيوطي من هذا الكتاب غير نسخ كتاب ابن الجوزي ووضع عنوان آخر له.
ولا شك في أن مهمة الباحثين في كتب اللحن مقصورة على التحقق من نسبة المخطوطة إلى صاحبها الحقيقي. وقد جسدوا هذه المهمة بقولهم إن مخطوطة "غلطات العوام" منسوبة للسيوطي، لأنها نسخة من كتاب "تقويم اللسان" لابن الجوزي. وهذه النتيجة أبعدت المحققين عن العناية بالمخطوطة المذكورة، وحذفت من مؤلفات السيوطي الكتاب اليتيم الدال مباشرة على اهتمام هذه العلامة بموضوع الأغلاط اللغوية.
ولا بد من الإشارة إلى أمر آخر قبل الشروع في البحث عن موقف السيوطي من الأغلاط اللغوية، هو محتوى النوع الخمسين، وهو آخر الأنواع في كتاب "المزهر في علوم اللغة". فقد حمل هذا النوع عنواناً محدداً دالاً على موضوع الأغلاط اللغوية، هو "معرفة أغلاط العرب" (5). ولكن فحص محتوى هذا النوع الخمسين يقود الباحث بسهولة إلى أن السيوطي لم يؤلف حرفاً مما ذكره، بل جمع الأغلاط من سبعة كتب، هي: الخصائص لابن جني وفقه اللغة للثعالبي، والأمالي للقالي والجمهرة لابن دريد وشرح المعلقات لأبي جعفر النحاس وشرح الفصيح لابن خالويه والكامل للمبرّد. وليس هذا بغريب بالنسبة إلى السيوطي. فكتبه كلها تجري على هذا النحو من الجمع والترتيب والتلخيص والتقديم والتأخير. ولا يختلف كتاب "المزهر في علوم اللغة" عن كتاب "الأشباه والنظائر في النحو" (6) أوكتاب "الاقتراح في علم أصول النحو" (7) في اتباع هذا المنحى في التأليف. ومن البدهي ألا يختلف نوع أو فصل داخل الكتاب عن المتبع في الفصول والأنواع الأخرى.
ومن الواجب أن يشير هنا إلى أمانة السيوطي (النسبية)، وحرصه على أن يعزو ما يقبسه إلى أصحابه.
ولكن هل يعني جمع الأغلاط من كتب السابقين أن السيوطي غير مسؤول عنها، وليس له رأي فيها، وأن المسؤولية تقع على عاتق أصحاب الكتب وحدهم؟.. أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال ضرورية جداً في أي محاولة لمعرفة موقف السيوطي من الأمور التي ذكرها في كتبه كلها. ويهمني هنا القول إن إيراد السيوطي الأغلاط في كتاب المزهر يدل على أنه مُقر بمخالفتها العربية الفصيحة، وأنه متفق وأصحاب الكتب التي استمد الأغلاط منها على تعليل الغلظ في كل منها. وإذا كانت الأغلاظ المذكورة في المزهر تنم على الموقف التطبيقي فإن هناك كتباً أخرى للسيوطي تنم على الموقف النظري من هذه الأغلاط وإن لم تُشر إليها صراحة، أي أن ما يصدق على الجانب التطبيقي عند السيوطي يصدق على الجانب النظري أيضاً، لأنه في الجانب النظري لم يؤلف حرفاً، بل راح يستمد من سابقيه الآراء والأقوال، ثم يجمعها ويرتبها ويلخص بعضاً منها قبل أن يوردها في كتبه.
1-موقف السيوطي النظري من الأغلاط اللغوية:
لا أعتقد أن هناك اختلافاً بين اللغويين العرب حول دلالة مصطلح "الأغلاط اللغوية". فهي عندهم مخالفة اللغة العربية الفصيحة في "الأصوات"، أو في الصيغ، أو في تركيب الجملة وحركات الأعراب، أو في دلالة الألفاظ" (8)
ذلك أن رد المخطئين إلى الصواب يحتاج إلى معيار واضح محدد لا يختلف حوله أحد. والمعروف أن محاولات تحديد المعيار انطلقت من الاتفاق على الاحتجاج بالقرآن الكريم وقراءاته كلها متواترها وآحادها وشاذها (9)، وما دوِّن من الحديث الشريف "في الصدر الأول وإن اختلفت فيها الرواية" (10). أما كلام العرب شعره ونثره فقد اتُّفق على أن حدوده الزمنية تمتد من الجاهلية إلى عام 150ه، وعلى أن حدوده المكانية مقصورة على قبائل قليلة ضاربة وسط الجزيرة العربية، هي أسد وتميم وقيس وهذيل. وقد أوجز سعيد الأفغاني قواعد الاحتجاج بست قواعد هي:
-إسقاط الاحتجاج بما يتطرق إليه الاحتمال.
-إسقاط الاحتجاج بما تأخر زمان صاحبه عن زمن الاحتجاج.
لا يُحتج للقاعدة بكلام له روايتان متساويتان في القوة.
-لا يُبنى على شاهد قبل تحريه والتوثق من ضبطه.
-لا يُكتفى بالكلام الأبتر.
-ينبغي التفريق بين ما يُرتكب للضرورة الشعرية وما يؤتى به على السعة والاختيار.
هذا هو، بإيجاز، موقف اللغويين العرب من الاحتجاج بالقرآن الكريم والحديث الشريف وكلام العرب شعره ونثره. وقد عُد هذا الموقف معياراً للبصريين الذين اعتمدوا القياس وتشددوا فيه، كما عُد معياراً للكوفيين الذين تسمحوا وتوسعوا وأقبلوا على السّماع . ثم عرف تاريخ اللغة العربية ما سمي بالمدرستين البغدادية والأندلسية، وهما مدرستان قريبتان من المذهب البصري، ولكن علماء هما جمعوا إيجابيات البصريين والكوفيين، وكونوا مذاهب جديدة اشتهروا بها، كما هي حال أبي علي القالي وأبي حيان الغرناطي، ثم ابن مالك وابن هشام الأنصاري، ولكن الاتجاه الجديد الذي رسخته المدرستان البغدادية والأندلسية لم يخرج على معيار الاحتجاج، إضافة إلى أنه اتصف بالمرونة والتوسعة، ولم يقض على اتجاه القياس لدى البصريين والسّماع لدى الكوفيين. فابن جني البصري المتسمّع قياسيّ، وابن خالويه الكوفي المتشدد سماعيّ.
ههنا يمكنني القول إن جلال الدين السيوطي ورث بحكم تأخره الزمني ما خلفه علماء اللغة السابقون عليه. وتشير كتبه اطلاعه على آراء المدارس اللغوية في الاحتجاج، ولكنه لم يُعبر عن موقفه النظري من الأغلاط اللغوية تعبيراً مباشراً، بل عبر عنه تعبيراً غير مباشر. والمراد بالتعبير غير المباشر هنا اتباع السيوطي نهجاً في التأليف عماده جمع الآراء من كتب سابقيه. ثم نثرها في كتبه نصاً أو تلخيصاً أو تعديلاً. ويخيل إلي أن السيوطي كان يضع لكتابه خطة محددة، هي تقسيم الكتاب إلى أقسام، لكل قسم عنوان محدد. فكتاب المزهر في علوم اللغة يضم خمسين نوعاً، لكل نوع منها عنوان معين. فالنوع الأول هو معرفة الصحيح ويُقال له الثابت والمحفوظ، والثالث عشر هو معرفة الحوشي والغرائب والشواذ والنوادر.. وكتاب الاقتراح في علم أصول النحو يضم كلاماً في المقدمات وسبعة كتب. الكتاب الأول في السماع، والسابع في أول من وضع النحو. ولم تخل كتب السيوطي الجياد كلها من هذه الخطة التي تضم أقساماً محددة، يضعها السيوطي أول الأمر، ثم يرجع إلى أجزائها بعد ذلك جزءاً جزءاً ليذكر في كل جزء الآراء التي كان جمعها حول العنوان الذي وضعه لهذا الجزء.
وليس بمستبعد أن يضع السيوطي خططاً عدة في وقت واحد، ثم يملأ أقسامها في أثناء قراءاته. وقد أكد هذا الاحتمال عندي ما رأيته في نهايات بعض الأقسام من آراء نص السيوطي صراحة على أنه اطلع عليها بعد إيراده ما سبق له تدوينه. فقد حدد في كتاب الاقتراح المصطلحات التي يضمها تعريف "أصول النحو". وبعد فراغه منها قال: "بعد أن حررت هذا الحد بفكري وشرحته وجدت ابن الأنباري قال:" (12)، ثم ذكر نص كلام ابن الأنباري، وذيله بقوله: "وهذا جميع ما ذكره في الفصل الأول بحروفه" (13) ليدل على أنه نسخ كلام ابن الأنباري دون تلخيص أو تعديل. وقد تكرر الاستدراك من كتاب ابن الأنباري غير مرة في كتاب الاقتراح (14). ومهما يكن لأمر فإن هذا الاحتمال يحتاج إلى دراسة مستقلة ترجحه أو تنفيه أو تؤكده جملة وتفصيلا. فإذا صح لدى الباحثين أمره فإنني أعتقد أنه يعينهم على تفسير غزارة التأليف لدى السيوطي.
إن نهج السيوطي في التأليف ينطلق من "عقلية حديثية"، هي، في رأيي، جوهر التكوين المعرفيّ للسيوطي. وأقصد بهذه العقلية تأثره الواضح بعلم الحديث رواية ودراية وجرحاً وتعديلاً. والمعروف أنه لم يخف هذا التأثر، ولم يجد حرجاً في نقله إلى الحقل اللغوي، واستعمال مصطلحاته فيه. وقد أشرت إلى هذا الأمر لأعلل الأمانة العلمية (النسبية) التي تتصف بها كتب السيوطي، من تصريح بأسماء الذين ينقل عنهم، وقرنها بأسماء الكتب التي ينقل منها غالباً، وهذا كله يسمح لنا بدراسة طبيعة نقول السيوطي من الكتب لتحديد جوهر موقفه النظري غير المباشر من الأغلاط اللغوية.
إذا أنعمنا النظر في كتاب "الاقتراح" لاحظنا الوضوح في موقف السيوطي من الاحتجاج بقراءات القرآن الكريم كلها. بل إنه كان دقيقاً حين نص على أن القراءة الشاذة يُحتج بها وإن لم يجز القياس عليها (15). أما الاحتجاج بالحديث الشريف فقد قصره السيوطي على ما ثبت أنه لفظ النبي r، وهو نادر جداً، لأن غالبية الأحاديث رويت بالمعنى. ومن ثم كان السيوطي أحد مانعي الاحتجاج بالحديث الشريف وإن استثنى ما ثبتت روايته عن النبي r بلفظه، شأنه في ذلك شأن أبي حيان الأندلسي في شرح التسهيل، وابن الضائع في شرح الجمل.
وأما كلام العرب "فيُحتج منه بما ثبت عن الفصحاء الموثوق بعربيتهم" (16)، ثم "الاعتماد على ما رواه الثقات عنهم بالأسانيد المعتبرة من نثرهم ونظمهم" (17). وقد اعتمد السيوطي تقسيم ابن جني المسموع إلى مطرد وشاذ، ولخص ما ذكره في الخصائص من أن المطرد والشاذ أربعة ضروب، هي: مطرد في القياس والاستعمال معاً –مطرد في القياس شاذ في الاستعمال (الماضي من يذر ويدع) –مطرد في الاستعمال شاذ في القياس (استحوذ –استنوق الجمل –استصوبت الأمر) –شاذ في القياس والاستعمال معاً.
ثم نص على القواعد الآتية:
-لا علاقة للكفر بالاستشهاد بالشعر إذ كانت الرواية صحيحة.
-يُحتج برواية الفرد إذا لم يُسمع ما يخالفها.
-إذا خالفت رواية الفرد الثقة ما عليه الجمهور وما يقبله القياس قُبل ذلك منه.
-لهجات العرب كلها حجة.
-لا يؤُخذ عن أهل المدر لفساد لغتهم نتيجة اختلاطهم بغيرهم من الأمم.
-إذا اجتمع في كلام الفصيح لغتان قُبلتا منه.
-لا يُحتج بكلام المولدين والمحدثين كأبي تمام وبشار بن برد. وآخر الشعراء الذين يُحتج بشعرهم إبراهيم بن هرمة المتوفى سنة 176ه.
-لا يُحتج بشعر أو نثر لا يُعرف قائله.
-يُتأوَّل ما كان شاذاً أو لغة طائفة من العرب.
-إذا دخل الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال.
-يحتجّ بالأبيات التي رويت على وجوه.
أخلص من ذلك إلى أن معيار الصواب عند السيوطي هو القرآن بقراءاته كلها، وما ثبتت روايته باللفظ من حديث النبي (r)، وما ثبت عن الفصحاء والرواة الثقات. فإذا فحصنا هذا المعيار استناداً إلى آراء اللغويين التي اعتمدها السيوطي بدا لنا شيء غير قليل من التناقض في موقفه النظري من الأغلاط اللغوية.
فقد استند في احتجاجه بقراءات القرآن الكريم كلها إلى رأيه الخالص.
وكان هذه الرأي واضحاً محدداً، يُعبّر عن وعي لغوي سليم، ومعرفة بأثر القراءات في الاحتجاج، وفصاحتها وسمو مكانتها اللغوية. ولم يكتف السيوطي بهذا الوضوح النظري، بل أضاف إليه وصف الذين عابوا قراءات عاصم وحمزة وابن عامر ونسبوها إلى اللحن بالخطأ، فقال: "إن قراءاتهم ثابتة بالأسانيد المتواترة الصحيحة التي لا مَطْعَن فيها. وثبوت ذلك دليل على جوازه في العربية" (18). واللافت للنظر ألا يلجأ السيوطي في أثناء حديثه عن الاحتجاج بالقرآن الكريم إلى آراء اللغويين، وأن يكتفي برأيه الخاص الذي يمكنني عدُّه إيجازاً لما أجمع عليه اللغويون العرب.
وقد اختلف موقف السيوطي النظري حين تحدّث عن الاحتجاج بالحديث الشريف. إذ اعتنق مذهب ما نعي الاحتجاج بالحديث. ورأي هؤلاء المانعين هو الاحتجاج بما ثبت أنه لفظ الرسول (r). وهذا نادر جداً، يكاد يكون مقصوراً على الأحاديث القصار (19). أما غالبية الأحاديث فمروية بالمعنى (20)، لأن الأعاجم والمولدين تداولوها قبل تدوينها، ورووها بعباراتهم، فأبدلوا ألفاظاً بألفاظ، "ولذا ترى الحديث الواحد في القصة الواحدة مروياً على أوجه شتى بعبارات مختلفة" (21). وأورد السيوطي بعد هذه المقدمة آراء ثلاثة من اللغويين الذين منعوا الاحتجاج بالحديث الشريف من غير أن يناقشها ما فعل في أثناء حديثه عن قراءات عاصم وحمزة وابن عامر. بل إنه عُني برأي أبي حيان خاصة. وهذا الرأي ينكر على ابن مالك إثباته القواعد النحوية بألفاظ الحديث الشريف. وإذا كان إيراد السيوطي رأياً من آراء سابقيه من غير أن يناقشه يعني اتفاقه مع هذا الرأي وموافقته عليه، فإن الباحث يلاحظ التناقض بين إعجاب السيوطي بردّ ابن مالك على منكري الاحتجاج بقراءات عاصم وحمزة وابن عامر، ثم اتفاقه مع أبي حيان شارح كتاب التسهيل على توهين رأي ابن مالك نفسه. أبو حيان الأندلسي –كما هو معروف –من أشد مانعي الاحتجاج بالحديث، وأكثرهم إنكاراً على مخالفيه (22)، ومنهم ابن مالك صاحب التسهيل لاحتجاجه بالحديث الشريف.
إن إشادة السيوطي بابن مالك ثم إيراده ما يوهّن رأيه في موضعين مختلفين يمكن وصفه بالتناقض. وإذا لم يكن هذا الوصف دقيقاً فإن هناك –على أقل تقدير –تبايناً في الموقف النظري للسيوطي، مفاده الوعي اللغوي السليم في أثناء تعبيره عن الاحتجاج بالقرآن، وضيق أفقه اللغوي في أثناء تعبيره عن الاحتجاج بالحديث الشريف. ذلك لأن حجتي المانعين مردودتان، وهما رواية الأحاديث بالمعنى وتسرب اللحن إلى بعضها لأن كثيراً من رواتها كانوا غير عرب. أما كون رواية الأحاديث بالمعنى جائزة فمعناه "أن ذلك احتمال عقلي فحسب لا يقين بالوقوع. وعلى فرض وقوعه فالمغيّر لفظاً بلفظ في معناه عربي مطبوع يحتج بكلامه في اللغة" (23). والأصل أن يروى الحديث باللفظ، وهذا ما جرى عليه علماء الحديث، "حتى إذا شك راو عربي بين (على وجوههم) وعلى (مناخرهم) أثبتوا شكه ودوّنوه مبالغة في التحري والدقة" (24). وأما وقوع اللحن في بعض الأحاديث فهو "قليل جداً لا يُبنى عليه حكم. وقد تنبه إليه الناس وتحاموه ولم يحتج به أحد، ولا يصح أن يُمنع من أجله الاحتجاج بهذا الفيض الزاخر من الحديث الصحيح" (25)، إضافة إلى أن علماء الحديث "تشددوا في أخذ الناس بضبط ألفاظ الحديث، حتى إذا لحن فيه شاد أو عامي أقاموا عليه النكير" (26). ثم إن السيوطي وافق أبا حيان على أنه لم ير أحداً من المتقدمين والمتأخرين سلك طريق ابن مالك في الاستدلال على القواعد الكلية بما ورد في الحديث الشريف. وهذا الأمر مردود أيضاً بكثرة المتقدمين والمتأخرين الذين احتجوا بالحديث الشريف، كالأزهري في التهذيب، والجوهري في الصحاح، وابن سيده في المخصص، وابن فارس في المجمل ومقاييس اللغة، والزمخشري في الفائق، وغير هؤلاء كثير.
لا يمكن وصف رأي السيوطي في الاحتجاج بالحديث الشريف بشيء غير المغالاة والجمود. فقد ضيّق واسعاً، وعاف المرونة وهو المتأخر الذي توافرت له الأحاديث الصحاح في مظانها الأساسية. بل انه اصطنع مصطلحات علم الحديث في كتاب المزهر، وسعى إلى تطبيقها على كلام العرب، فكثرت لديه مصطلحات الجرح والتعديل والرواية والدراية، من غير أن يلتفت إلى أنها اصطُنعت أساساً للتأكد من أن الرسول الكريم نطق الأحاديث على هذا النحو دون غيره.
ثم إن السيوطي خص الاحتجاج بكلام العرب شعره ونثره بقدر من الاهتمام يفوق ما خصصه للحديث الشريف، فنقل آراء سابقيه في السماع والقياس، والقواعد التي اتفقوا عليها. ويمكن وصف موقفه في الاحتجاج بكلام العرب بالوضوح والتحديد وباتباع ما استقر عليه النحاة واللغويون معاً. إذ غلّب الاحتجاج بالشعر على الاحتجاج بالنثر، ولم تكن لديه مساواة بينهما. كما عُني بمحاكاة الفقهاء في حديثه عن اللغة والنحو، فصنفهم في طبقات، ووضع للنحو أصولاً تشبه أصول الفقه، وجاراهم في بناء القواعد على السماع والقياس والإجماع (27). ففي المزهر أنواع للمرسل والمنقطع (28)، ومعرفة طرق الأخذ والتحمل (29)، والضعيف والمنكر والمتروك (30). بل إنه عدّ كتاب " الاقتراح" بالنسبة إلى النحو كأصول الفقه بالنسبة إلى الفقه" (31)، ونص على أنه سلك في تصنيفه كتاب الأشباه والنظائر في النحو "سبيل الفقه" (32). وهذا ما جعل موقفه من الاحتجاج بكلام العرب محاكاة لمواقف اللغويين والنحاة العرب، ولكنها محاكاة العالِم بأصولها وفروعها وإن لم تستطع التحرر من سلبيات هذه المحاكاة وخصوصاً تكرار الأمثلة والشواهد القديمة من غير تمحيص، وإهمال الاحتجاج بالحديث الشريف، ومنح الضرورات الشعرية مكانة لا تستحقها.
أخلص من الحديث السابق إلى أن موقف السيوطي النظري من الأغلاط اللغوية ليس واحداً، بل هو مواقف ثلاثة: موقف ينم على وعي لغوي، وثان ينم على قصور في الوعي، وثالث ينم على المحاكاة. وأعتقد أن تباين المواقف الثلاثة يدل على أن السيوطي لم يكن معياراً نظرياً ثابتاً للصواب، بل كان يترجح في ثلاثة معايير كانت سائدة لدى سابقيه. وإذا كان اللغويون والنحاة الأوائل يترجحون في معاييرهم فلأنهم رواد مجتهدون رغبوا في إقامة صرح اللغة والنحو على أسس رأوها سليمة استناداً إلى النصوص التي توافرت لهم، وهي قليلة تبعاً لاستقرائهم الناقص. أما ترجح السيوطي فمختلف جداً. بل إنه ترجح مرفوض، لأن جهود السابقين استقرت في معجمات وكتب لغوية ونحوية تُكسب السيوطي وغيره القدرة على التمحيص والنقد واعتماد موقف ينسجم وما آلت إليه اللغة العربية. وليس لدي ما يعينني على القول إن السيوطي أفاد من النصوص والمعارف اللغوية التي توافرت له في بناء موقف نظري من الأغلاط اللغوية يلائم حال اللغة العربية في عصره، ويساعد على نموها.
2-موقف السيوطي التطبيقي من الأغلاط اللغوية:
اعتقدت أول وهلة أن السيوطي ترجح في موقفه التطبيقي كما ترجح في موقفه النظري. بيد أنني انتهيت من فحص الأغلاط اللغوية التي ذكرها إلى شيء آخر مختلف. وهذا بيان بموقفه التطبيقي من الاحتجاج بالقرآن والحديث وكلام العرب، يقود إلى النتيجة التي انتهيت إليها.
أ-الموقف التطبيقي من الاحتجاج بالقرآن الكريم:
احتج السيوطي في كتاب الاقتراح بتسع عشرة آية من القرآن الكريم، وردت إحدى عشرة آية منها في الصفحات الأربع التي تحدث فيها عن الاحتجاج بالقرآن، ووردت ثماني آيات في أمكنة متفرقة من الكتاب. وهذا يعني أن السيوطي لم يكثر من الاحتجاج بالقرآن، بل كان مقلاً فيه. وإذا أنعمنا النظر في الآيات التي احتج بها لاحظنا أنه لم يكن يوضح أحياناً موضع الشاهد وطبيعة الآية المحتج بها. فقد احتج بقوله تعالى: )استحوذ عليهم الشيطان( (33) مرتين (34)، مكتفياً بالإشارة إلى أن فعل (استحوذ) مسموع يُحتج به ولا يُقاس عليه.
وكأن السيوطي يعتمد على معرفة القارئ بأن واو (استحوذ) وردت في الآية على الأصل من غير إعلال كما هي حال أخواتها (استقام واستباع). كذلك الأمر بالنسبة إلى الآية (ويأبى الله إلى أن يُتم نوره) (35). فقد ذكرها مثالاً على المسموع الذي يُحتج به ولا يقاس عليه، معتمداً على أن القارئ يعلم أنه لم يجئ عن العرب فِعْلٌ على فَعَلَ يَفْعَل، مفتوح العين في الماضي والمضارع، إلا ثانيه أو ثالثه أحد حروف الحلق (الهمزة –الهاء –العين –الغين –الحاء –الخاء) غير أبي يأبى.
بيد أن الاتجاه العام لدى السيوطي هو تقديم إشارة موجزة إلى موضع الشاهد في الآية. فقد ذكر قوله تعالى (فبذلك فلتفرحوا) (36) دليلاً على جواز إدخال لام الأمر على المضارع المبدوء بتاء الخطاب (37). كما ذكر قوله تعالى (ولنحمل خطاياكم) (38) دليلاً على إدخال لام الأمر على المضارع المبدوء بالنون. وحرص في أثناء هذه الإشارة الموجزة إلى موضع الشاهد على أن ينص على أن القراءة شاذة في الآية الأولى ومتواترة في الثانية.
وقد لاحظت أن الآيات التي احتج بها السيوطي هي الآيات التي احتج سابقوه بها على الأمور نفسها. وذلك يعني عندي أنه لم ينقل آراء سابقيه فحسب، بل تطبيقاتهم أيضاً. ولعل الآيات التي أغفل السيوطي موضع الاحتجاج فيها وردت لدى سابقيه غفلاً من توضيح موضع الشاهد، والآيات التي وضح موضع الشاهد فيها وردت لدى سابقيه مقترنة بالتوضيح نفسه. ففي كتاب الاقتراح دليل على أن ابن جني هو الذي أستشهد بالآية الكريمة )استحوذ عليهم الشيطان( على المسموع الذي يُحتج به ولا يقاس عليه (39). وقد توفي ابن جني عام 932هكما هو معروف. كما أن ابن مالك (المتوفى عام 672ه) لم يكن أول من احتج بالآية (وتساءلون به والأرحامِ) (40) على جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، بل سبقه إلى ذلك الفخر الرازي (41) ولم يكن ابن مالك نفسه أول من احتج بالآية ( قتل أولادهم شركائهم (42) على جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، بل سبقه إلى ذلك ابن الأنباري (المتوفى عام 577ه) في كتابه المعروف (الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين) (43). وهذا يعني أن السيوطي لم يكن محقاً حين نص على أن المتأخرين، ومنهم ابن المالك، ردوا على مَنْ عاب قراءة عاصم وحمزة وابن مالك. كما أنه لم يكتف بنقل آراء سابقيه، بل نقل الآيات التي احتجوا بها، وتبعهم في إغفالهم توضيح موضع الشاهد حيناً وذكره أحياناً. وهذا ما يجعل موقفه التطبيقي من الاحتجاج بالقرآن الكريم سبيلاً إلى الشك في موقفه النظري نفسه، والمراد هنا أنه لم يذكر في أثناء إيراده رأيه النظري أنه نقل من سابقيه حرفاً، ولكن موقفه التطبيقي دل على أنه نقل الآيات التي احتج بها سابقوه، فهل يعني ذلك أنه نقل الآراء وشواهدها معاً؟ أكاد أعتقد ذلك. ومهما يكن الأمر فإن عدد الآيات التي ذكرها السيوطي في الاقتراح قليل جداً، لا يوازي حماسته للاحتجاج بالقرآن الكريم.
ب-الموقف التطبيقي من الاحتجاج بالحديث الشريف:
أعتقد أن موقف السيوطي التطبيقي من الاحتجاج بالحديث الشريف يختلف عن موقفه النظري. فقد أكثر من الاحتجاج بالحديث في المزهر والأشباه والنظائر في النحو، واكتفى في الاقتراح بالاحتجاج بتسعة أحاديث. ويهمني القول إنه وظف الأحاديث التي احتج بها لأغراض عدة، أبرزها الدلالة على أن الرسول r أول من استعمل بعض العبارات الفصيحة، كقوله: "مات حتف أنفه، حمي الوطيس، لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين(44). كما احتج بالحديث الشريف للدلالة على أصل في اللغة والنحو، كما فعل في الأشباه والنظائر في النحو حين تحدث عن الإتباع. إذ احتج بستة أحاديث (45) وفي الاقتراح حين تحدث عن أن اللهجات على اختلافها حجة (46).
كما التفت السيوطي أحياناً إلى أحاديث شريفة احتجّ اللغويون بها على صحة تركيب نحوي. من ذلك مثلاً (47) ما روى أبو حيان عن أن ابن مالك استشهد على لغة "أكلوني البراغيث" بقول الرسول الكريم r: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار". فقد وهن السيوطي لغة أكلوني البراغيث بإيراده رواية البزّار (المتوفى عام 583ه) للحديث، وهي رواية تُعنى بذكر بداية الحديث الشريف نفسه، وهي: "إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار". وعلى الرغم من أن السيوطي لم يوضح مراده من رواية الحديث كاملاً، فإن عمله يدل على قاعدة لغوية مهمة، هي عدم الاكتفاء بالكلام الأبتر، ووجوب العودة إلى مظانه إن كان شعراً، ومعرفة ما قبله وما بعده إن كان نثراً (48). وقد أورد السيوطي الرواية التي ذكرها البزّار للحديث الشريف ليقول بشكل غير مباشر إن واو (يتعاقبون) لا ترجع إلى (ملائكة) التي بعدها، بل ترجع إلى (ملائكة) التي قبلها، وبذلك يُنْفى الشاهد النثري على صحة لغة (أكلوني البراغيث)، وتبقى هذه اللغة مقصورة على الضرورات الشعرية.
إن إكثار السيوطي من الاحتجاج بالحديث الشريف يدل على شيء مغاير لما نص عليه في موقفه النظري. فالأحاديث الشريفة المروية بلفظ النبي r كثيرة جداً، حفظتها لنا كتب الحديث، وبذل العلماء في جمعها والتدقيق فيها الوقت والجهد لأنها أكثر كلام العرب فصاحة بعد القرآن الكريم.
ج-الموقف التطبيقي من الاحتجاج بكلام العرب:
لا أشك في أن موقف السيوطي التطبيقي من الاحتجاج بكلام العرب أكثر وضوحاً وتحديداً. ذلك لأنه لم يكن في حديثه عن الاحتجاج بالقرآن الكريم والحديث الشريف مضطراً إلى تخطئة شيء وتصويب آخر. أما كلام العرب ففيه من الاستعمالات اللغوية ما يدفع السيوطي إلى تطبيق معايير الصواب التي استقر عليها اللغويون العرب. فقد جعل النوع الخمسين من أنواع المزهر خاصاً بمعرفة أغلاط العرب (49). وسبق القول إنه نقل الأغلاط من سبعة كتب ليس بينها كتاب خاص باللحن. ويمكنني القول إن الأغلاط التي ذكرها في هذا النوع قسمان: قسم يتعلق بالنثر وقسم يتعلق بالشعر، وسأناقش نماذج من هذين القسمينبغية توضيح الموقف التطبيقي من كلام العرب.
ذكر السيوطي نقلاً عن الخصائص لابن جني أن همز (مصائب غلط، فقال: "ذلك أنهم شبهوا مصيبة بصحيفة، فكما همزوا صحائف همزوا أيضاً مصائب. وليست ياء مصيبة بزائدة كياء صحيفة، لأنها عين عن واو، وهي العين الأصلية، وأصلها "مصوبة" لأنها اسم فاعل من أصاب. وكأن الذي سهل ذلك أنها وإن لم تكن زائدة فإنها ليست على التحصيل بأصل، وإنما هي بدل من الأصل، والبدل من الأصل ليس أصلاً فهو مشبه للزائد من هذه الحيثية فعومل معاملته" (50). وقد اكتفى السيوطي بنقل ما ذكره ابن جني في الخصائص من غير أن ينص صراحة أو ضمناً على اختلافه معه. وهذا يعني أنه متفق معه على أن (مصائب) غلط لغوي. ولكنه في مكان آخر من المزهر وافق على ما ذكره الجوهري في الصحاح من أن (مصائب) صحيحة اجتمعت العرب على همزها (51). أي أنه في كتاب واحد هو المزهر نص على أن كلمة (مصائب) غلط وصواب، فكيف يستقيم هذا الحكم؟ إن المقبول لديّ هو أن السيوطي لا يملك معياراً للصواب يستند إليه في تخطئة كلام العرب وتصويبه، بل يملك القدرة على أن ينقل كلام سابقيه من غير أن يمحص التناقض الذي ينجم عن النقل من مصادر مختلفة.
والدليل على أنه لا يملك معيار للصواب هو استعماله معيارين متباينين، أولهما معيار ابن جني، وهو معيار يستند إلى القاعدة الصرفية الخاصة بصيغة منتهى الجموع. ولهذه القاعدة أوزان، منها وزن "مفاعل" الذي نجمع عليه الكلمات المبدوءة بميم زائدة. وتنص هذه القاعدة (52) على أنه إذا كان الحرف الثالث من الكلمة حرف مد منقلباً عن أصل، كما هي حال كلمة مصيبة، رددناه إلى أصله فقلنا بالنسبة إلى مصيبة "مُصَاوِب" لأن أصل الياء فيها واو، ولا يجوز قلب حرف المد همزة لأنه غير زائد. القياس إذن هو المعيار الصرفي الذي استند إليه ابن جني في تخطئة (مصائب)، وحين وافقه السيوطي على تخطئة (مصائب)، عبّر عن تشبثه بالمعيار نفسه.
ثاني المعيارين هو معيار الجوهري. فقد حكم السيوطي على (مصائب) بالصواب نقلاً عن الصحاح للجوهري وهو في حكمه الجديد استند إلى معيار آخر مفاده أن اجتماع العرب حجة (53). واجتماع العرب يعني (السماع)، والسماع أقوى من القياس وسابق عليه كما قرر السيوطي نفسه في الاقتراح والمزهر (54).
استعمل السيوطي معياري السماع والقياس في الحكم على (مصائب)، وهما معياران متناقضان بالنسبة إلى هذه الكلمة، لأنها مطردة في الاستعمال شاذة في القياس (55). وهذا يدل على ازدواجية المعيار لديه، كما يدل على أنه لا يملك تطبيقاً. ويمكنني تعزيز هذه الدلالة بالقول إن موقف السيوطي من كلمة (مصائب) يذكرنا بحماسته للاحتجاج بقراءات القرآن الكريم كلها.
فقد "تواترت القراءة عن نافع المدني وابن عامر الدمشقي، وهما إمامان عظيمان من أئمة القراء، في قوله تعالى :)وجعلنا لكم فيها معائش( بالهمز، وهي غير قراءة الجمهور (56). ولكنها قراءة تدل على أن وزن (فعائل) في صيغة منتهى الجموع ليس مقصوراً على المفرد الذي يضم حرف علة زائداً، بل يشمل معاملة الحرف الأصلي معاملة الزائد إذا كان شبيهاً به في اللفظ (57). وقد تواتر السماع عن العرب بالنسبة إلى لفظتي (مصائب ومنائر)، وهما مثل (معائش) في أن همزتها منقلبة عن حرف أصلي. ولو كان للسيوطي موقف تطبيقي لاحتج بقراءة نافع وابن عامر على صحة معائش ومصائب ومنائر، ولكنه –كما هو واضح –نسي ما كان قرره من ضرورة الاحتجاج بقراءات القرآن كلها حين حكم على (مصائب) بالغلط وهي مثل (منائر ومعاش).
قل الأمر نفسه بالنسبة إلى (حلأتُ السّويق ورثأتُ زوجي واستلأمتُ الحجر ولبّأتُ بالحج). فقد حكم السيوطي على هذه الألفاظ بالغلط (85) نقلاً عن ابن جني. ثم حكم عليها في مكان آخر بالصواب (59) نقلاً عن الصحاح للجوهري. وهذا تعزيز آخر لازدواجية المعيار لدى السيوطي، وهو تعزيز يرسخ القول بافتقار السيوطي إلى موقف تطبيقي من الأغلاط اللغوية. ولئلا يعتقد أحد أن حكمي على السيوطي نابع من الأمثلة السابقة وحدها فإنني سأذكر مثالاً آخر من النثر يقود إلى الدلالة نفسها.
فقد قصر السيوطي النوع الثاني عشر من أنواع كتاب المزهر على معرفة المطرد والشاذ، وافتتحه ينص من كتاب الخصائص لابن جني (60) يضم الأنواع الأربعة للمطرد والشاذ. وكرر النص نفسه في الاقتراح (61) وفي الأشباه والنظائر في النحو (62)، ملتزماً بالأمثلة التي ساقها ابن جني، ومنها فعلاً (يذر) و(يدع) المذكوران في النوع الثاني المطرد في القياس الشاذ في الاستعمال. وقد منع ابن جني استعمال الماضي من هذين الفعلين لأن العرب لم تستعملها (63). ولم يعلق السيوطي على هذا الأمر بشيء، وهذا يشير إلى موافقته على تخطئة ماضي يذر ويدع استناداً إلى معيار السّماع. ولكن العرب، كما يقول الأستاذ سعيد الأفغاني (64)، استعملت (وذر) و(ودع). فقد قرأ عروة بن الزبير وابنه هشام الآية الكريمة )ما وَدَعَك ربك وما قلى( بالتخفيف. وورد فعل (ودع) في حديثين شريفين هما (لينتهين قوم عن ودعهم الجمعات) و (إن شر الناس من ودعه الناس اتقاء شره). كما ورد فعل (ودع) في بيت شعر منسوب لأبي الأسود الدّؤلي، هو:
ليت شعري عن خليلي ما الذي * غاله في الحب حتى ودعه
وفي بيت شعر آخر لشاعر مجهول:
وثم ودعنا آل عمرو وعامر * فرائس أطراف المثقفة السمر
وورد الفعل أيضاً في المصباح المنير للفيومي (ودعته أدعه وَدْعاً: تركته). وهذا يعني أن السيوط نقل كلام ابن جني من غير أن ينعم النظر فيه. كما يعني ذلك أن عِلم السيوطي بالعربية لا يرقى إلى المرتبة التي ادعاها لنفسه.
ويقودنا ذلك إلى أن السيوطي لا يملك موقفاً تطبيقياً من الأغلاط اللغوية لأنه يفتقر إلى معيار يستند إليه في تصويب النثر وتخطئته، وإلى المعرفة اللغوية التي تعينه على ذلك. وما من شك في أن توافر هذين الأمرين يجعله ذا رأي، ويحجب عن كتبه تباين الآراء وتناقضها.
وقد يبدو موقف السيوطي من الاحتجاج بالشعر العربي مختلفاً أوّل وهلة، ولكن فحص هذا الموقف يقود الباحث إلى النتيجة السابقة نفسها. ذلك أن الشعر الذي احتج به سابقوه على الشيء نفسه. والأبيات التي خطّأ شيئاً فيها هي الأبيات التي خطّأها سابقوه. وهذه أبيات أربعة توضح موقف السيوطي من الاحتجاج بالشعر العربي:
ألم يأتيك والأنباء تنمي * بما لاقت لبون بني زياد
نقل السيوطي (65) هذا البيت من كتاب "الصاحبي في فقه اللغة" لابن فارس (66) على أنه غلط أبته العربية، من غير أن يوضح موضع الشاهد فيه.
سيغنيني الذي أغناك عني * فلا فقر يدوم ولا غناء
لم يكتف السيوطي بنقل هذا البيت من كتاب (المقصور والمدود) لأبي علي القالي، بل نقل معه ما ذكره أبو بكر الأنباري عن البيت، وما ساقه القالي من تعليق على كلام الأنباري، قال: "أخبرني أبو بكر الأنباري قال: أنشد بعض الناس قول الشاعر:
سيغنيني الذي أغناك عني * فلا فقر يدوم ولا غَناء
(بفتح الغين)، وقال: الغَناء: الاستغناء، ممدود، وقوله عندنا غلط من وجهين. وذلك أنه لم يروه أحد من الأئمة بفتح الغين، والشعر سبيله أن يحكى عن الأئمة كما تحكى اللغة. ولا تبطل رواية الأئمة بالتظنّي والحدس. والحجة الأخرى أن الغَناء على معنى الغنى، فهذا يبين لك غلط هذا المتقحم على خلاف الأئمة" (67).
وإنني حيثما يسري الهوى بصري * من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور
نقل السيوطي (68) هذا البيت من كتاب الخصائص لابن جني (96) على أنه شاهد على "أنك متى أشبعت ومطلت الحركة أنشأت بعدها حرفاً من جنسها" (70)
أردت لكيما أن تطير بِقرْبَتي * فتتركها شنّاً ببيداءَ بلقعِ
نقل السيوطي (71) هذا البيت من كتاب التعليقة لابن النحاس على أنه شاهد ساقه الكوفيون على جواز إظهار (أنْ) بعد (كي) (72). وذكر السيوطي تخطئة ابن الأنباري (73) هذا البيت لأن قائله مجهول غير معروف.
هذه أربعة أبيات حكم السيوطي بتخطئتها، ولكن حكمه يحتاج إلى مناقشة. فقول قيس بن زهر العبسي (ألم يأتيك) غلط كما ذكر السيوطي نقلاً عن ابن فارس، ولا يصح أن يحتج به على الفعل يُرفع بعد (لم). ولكن الغلط لا يرجع إلى مجافاة البيت سنن العربية، بل يرجع إلى أنه ضرورة شعرية ارتكبها الشاعر حين كان الشعر يُرتجل (74). والفرق بين الخروج على سنن العربية والضرورة الشعرية كبير، ولكن النحاة الكوفيين اتخذوا من البيت حجة للدلالة على إشباع الحركات. أي أنهم أرادوا أن يثبتوا قاعدة نحوية فالتمسوا لها من الشعر العربي شاهداً هو بيت قيس. ولا حاجة إلى بذل الجهد في تعليل (ألم يأتيك) كما فعل محمد محيي الدين عبد الحميد في أثناء تعليقه على البيت (75).
فالأمر لا يخرج عن أن الضرورة الشعرية القبيحة دفعت قيساً إلى إبقاء الياء وعدم حذفها بعد (لم). وهذا يعني أن السيوطي نقل تعليل ابن فارس من غير أن يدرك الفرق بين الضرورة الشعرية وما يلجأ إليه الشاعر اختياراً.
أما البيت الثاني (سيغنيني... ولا غناء) فقد ذكره السيوطي في المزهر على أن (غَناء) بفتح الغين شاهد على تحريف الرواة رواية الشعر. والمتهم بتحريف الرواية هنا هو أبو بكر الأنباري، وقوله: "الغَناء: الاستغناء، ممدود" غلط في رأي القالي، لأن أحداً من الأئمة لم يروه بفتح الغين، ولأن "الغَناء على معنى الغِنى" غلط أيضاً، ولكن السيوطي ذكر البيت نفسه في الاقتراح (76) دليلاً على اختلاف الرواية. فالكوفيون احتجوا به على جواز مد المقصور (غنى –غِناء بكسر الغين). وأبطل البصريون حجة الكوفيين بقولهم إن رواية البيت بفتح الغين، ولفظه "غناء" ممدودة. ومهما يكن الأمر فإن السيوطي قدّم رأيين متناقضين يستندان إلى معيارين مختلفين، فدل بذلك على أنه لا يملك موقفاً تطبيقياً. ذلك أن الثابت هو رواية البيت بكسر الغين وفتحها. وقد روته المعجمات على هذا النحو، فنص ابن المنظور في لسان العرب على أن من رواه بالكسر أراد مصدر غانيته أي فاخرته بالغنى (77)، ومن رواه بالفتح أراد الغنى نفسه. فالغنى والغَنا واحد في المعجمات العربية (78). كما أن أبا بكر الأنباري الذي روى البيت كان من أعلم الناس وأفضلهم في نحو الكوفيين، وأكبرهم حفظاً للغة. أخذ عن ثعلب. وكان ثقة صدوقاً. توفي عام 271ه. وقد حرص السيوطي على أن تتوافر هذه الصفات في اللغوي (79)، ولكنه ساق اتهام القالي على عواهنه من غير تعليل، على الرغم من أن انعام النظر يقوده بيسر إلى أن كلام أبي بكر سليم لاشية فيه. ومن ثم كان عليه أن يتخذ البيت حجة على أن (الغِنى والغَناء) بمعنى واحد، وأن يكون ذلك مناسبة للقول أن الشعر لا يُرفض إذا كان قائله مجهولاً وراويه ثقة.
أما البيت الثالث المنسوب إلى إبراهيم بن هرمة فليس شاهداً على إشباع الحركة، ولا يجوز بناء قاعدة نحوية استناداً إليه، لأن الشاعر قال: (فأنظور) اضطراراً ولم يقل ذلك اختياراً. وهذا البيت يعزز ما لاحظناه من أن السيوطي لا يميز بين الضرورة الشعرية وغيرها. والغريب أنه نقل في الاقتراح (80) عن منهاج البلغاء أن قول الشاعر (فأنظور) ضرورة مستقبحة.
وأما البيت الرابع الذي احتج به الكوفيون على جواز إظهار (أن) بعد (كيما) فقد خطّأه السيوطي لأن قائله مجهول، وهذه التخطئة مقبولة، لأننا نرغب في معرفة الشاعر للتأكد من صحة رواية البيت. ذلك أن هناك بيتاً آخر لجميل بن معمر احتج به الكوفيون على الأمر نفسه، وهذا البيت هو:
فقالت: أكلّ الناس أصبحت مانحاً * لسانك كيما أن تفرّ وتخدعا
ومعرفة اسم الشاعر جميل سمحت بالعودة إلى ديوانه (81) فإذا الرواية فيه: (لسانك هذا كي تغرّ وتخدعا). وهذه الرواية تجعل القاعدة الخاصة بإظهار (أن) بعد (كي) تنهار. ونخشى من أن يكون البيت الذي ذكره السيوطي على هذا النحو من خطأ الرواية، ولكننا لم نر السيوطي يلتفت إلى هذا الأمر، بل رأيناه يرفض البيت تبعاً لرفض ابن الأنبار له واستناداً إلى معياره وهو كون قائل البيت مجهولاً.
إن موقف السيوطي من الاحتجاج بالشعر العربي ينم على أنه لا يناقش الآراء التي ينقلها، ولا ينعم النظر في مواضع الغلط فيها، ولا يفيد من قواعد الاحتجاج التي كان قررها.
***
ههنا يمكنني الاطمئنان إلى أن موقف السيوطي من الأغلاط اللغوية لا يتسم بالأصالة، ولا ينبئ عن أن هذا الرجل لغوي ذو رأي واضح، ومعيار ثابت. بل هو لغوي انتقائي انطباعي، يعجبه الرأي فينسخ نصه كاملاً أو يلخصه. وقد يعجبه رأي آخر بعد حين فينسخه من غير أن ينعم النظر في مخالفته الرأي السابق ومناقضته له. ومن ثم نراه يخطئ شيئاً بعد تصويبه، أو يبدي حماسة للاحتجاج بقراءات القرآن الكريم كلها، ولكنه في أثناء التطبيق لا يتمكن من الإفادة من هذه القراءات في تصويب كلام العرب. كما يبدو حذراً من الاحتجاج بالحديث الشريف نظرياً، ولكنه يحتج به كثيراً في أثناء التطبيق.
وقد توافرت للسيوطي مؤلفات اللغويين والنحاة والقراء والمحدثين، ولكنه لم يفد منها في تقديم معيار للصواب يلخص به ما انتهى العلماء إليه بعد فراغهم من جمع اللغة وتقعيد القواعد وتدوين الحديث والقراءات القرآنية، بل إنه قصّر عن سابقيه، لأنهم عالجوا لحن العامة والخاصة استناداً إلى وجهات نظرهم وما توافر لهم من نصوص، في حين كرر السيوطي ما ذكروه من غير التفات إلى تطور اللغة العربية بين زمنهم وزمنه. كما فاته أن الرواية والدراية وغيرهما من الأعمال اللغوية انتهى زمنها، واستقرت أمورها في مؤلفات ومعجمات حلت محل مشافهة الأعراب والخلاف بين المدارس النحوية واللغوية.
ثم إن موقفه من الأغلاط اللغوية لا ينطلق من المحافظة على سلامة اللغة العربية، وليس فيه سعي إلى استقراء الأغلاط والشواهد والأساليب، بل هو موقف الناقل الأمين لما قاله الآخرون. ومن ثم أعتقد أنه نسخ مخطوطة "تقويم اللسان" لابن الجوزي، ووضع عنواناً جديداً لها، هو "غلطات العوام" ليضيف إلى مؤلفاته كتاباً حول اللحن، كما فعل في رسالة "البيان في رياضة الصبيان" التي نسخها من كتاب "إحياء علوم الدين" لأبي حامد الغزالي ونسبها لنفسه (82) ليضيف إلى مؤلفاته رسالة في التربية. على أن هذين المثالين لا يمنعان من القول إن فحص موقف السيوطي من الأغلاط اللغوية دلني على أن الرجل يتصف، في الغالب الأعم، بالأمانة العلمية، فيعزو الآراء لأصحابها. ولكنه لا ينقل الرأي كاملاً دائماً، بل ينقله ملخصاً ومعدلاً أحياناً، وهذا ما يفرض علينا الرجوع إلى النص في مصدره الأصلي دائماً.وإذا لم يكن بعض هذه المصادر متوافراً فإن قيمة كتب السيوطي تكمن في احتفاظه بما ضاع منها، وهي قيمة لا يستهان بها.
الإحالات:
1-نهض عدد من الباحثين العرب بمهمة إعداد ثبت بمؤلفات السيوطي، تبعاً لتباين الآراء في عددها. نذكر منهم هنا: عبد الإله نبهان وسمير الدروبي وأحمد الخازندار ومحمد إبراهيم الشيباني وأحمد الشرقاوي اقبال.
2-رصد رمضان عبد التواب في كتابه "لحن العامة والتطور اللغوي" (دار المعارف –القاهرة 1967)، وعبد العزيز مطر في كتابه "لحن العامة في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة (دار الكاتب العربي –القاهرة 1967) جهود العلماء العرب في تأليف الكتب الخاصة بلحن العامة.
3-ينظر وصف المخطوطة في ص 284 –285 من: عبد التواب، رمضان –لحن العامة والتطور اللغوي.
4-المرجع السابق نفسه.
5-المزهر 2 /494. والاعتماد، في هذه الدارسة على الطبعة التي حققها محمد أحمد جاد المولى وعلي محمد البجاوي ومحمد بو الفضل إبراهيم –دار إحياء الكتب العربية –القاهرة –د.ت.
6-صدر كتاب الأشباه ضمن مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق في أربعة أجزاء. حقق الجزء الأول عبد الإله نبهان (1985)، والثاني غازي طليمات (1986)، والثالث إبراهيم عبد الله (1986)، والرابع أحمد مختار الشريف (1987)، ولم يصدر بعد الجزء الخامس الذي يضم فهارس الكتاب.
7-صدر كتاب الاقتراح ضمن مطبوعات دار جروس برس بطرابلس –لبنان. وقد حققه محمد أحمد قاسم وأحمد سليم الحمصي (1988).
8-لحن العامة والتطور اللغوي –رمضان عبد التواب –ص 9.
9-انظر ص 45 من: الأفغاني، سعيد –في أصول النحو –جامعة دمشق 1964، وص 11 من: الزعبلاوي، صلاح الدين –مسالك القول في النقد اللغوي –الشركة المتحدة للتوزيع –دمشق 1984، وص 45 من: مطر، عبد العزيز –لحن العامة في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة.
10-في أصول النحو للأفغاني –ص 58، ومسالك القول للزعبلاوي –ص 11، ولحن العامة لمطر –ص 45.
11-في أصول النحو للأفغاني –ص 66.
12-الاقتراح –ص 22.
13-المرجع السابق نفسه.
14-أنظر ص 64 من الاقتراح.
15-أنظر ص 36 من الاقتراح.
16-الاقتراح –ص 44.
17-الاقتراح –ص 45.
18-الاقتراح –ص 37.
19- الاقتراح –ص 40.
20-المرجع السابق نفسه.
21-المرجع السابق نفسه.
22-انظر ص 47 من: الأفغاني، سعيد –في أصول النحو.
23-في أصول النحو –ص 50 –51.
24-في أصول النحو –ص 51.
25-في أصول النحو –ص53.
26-المرجع السابق نفسه.
27-أنظر ص 104 من: في أصول النحو.
28-المزهر 1 /125.
29-المزهر 1 /144.
30-المزهر 1 /214.
31-الاقتراح –ص 17.
32-الأشباه والنظائر في النحو 1 /3. والاعتماد هنا على الطبعة الصادرة عن مجمع اللغة العربية بدمشق.
33-المجادلة 19.
34-الاقتراح –ص 36 و122.
35-التوبة 32.
36-يونس 58.
37-الاقتراح –ص 36 –37.
38-العنكبوت 12.
39-أنظر ص 122 من الاقتراح، و 1/ 229 من المزهر، و1 /117 من الخصائص (تح: محمد علي النجار –دار الهدى –بيروت (مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية) –د.ت.
40-النساء 4.
41-تفسير فخر الدين الرازي 3 /193.
42-الأنعام 6.
43-أنظر 2 /431 (المسألة 60) من: الإنصاف في مسائل الخلاف –تحقيق وشرح محمد محيى الدين عبد الحميد –المكتبة التجارية الكبرى –القاهرة –السطر 4 –1961. وفي المسألة الستين ذاتها شواهد أخرى غير الآية المذكورة.
44-المزهر 1 /209 و302.
45-انظر ص 19 و20 و21 من: الأشباه والنظائر في النحو.
46-انظر ص 121 من الاقتراح.
47-انظر ص 43 و44 من: الاقتراح.
48-انظر ص 68 من: في أصول النحو.
49-المزهر 2 /494 وما بعد.
50-المزهر 2 /496.
51-المزهر 2 /253.
52-أنظر 2 /50 من: الغلاييني، مصطفى –جامع الدروس العربية –بيروت –السطر 5 –1939.
53-عقد السيوطي في الاقتراح باباً للإجماع، نص فيه صراحة على أن إجماع العرب حجة. انظر ص 67 من: الاقتراح.
54-كرر السيوطي غير مرة القاعدة المشهورة: ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب. انظر ص 79 من الاقتراح. ونص صراحة على أن السماع سابق على القياس إذا تعارضا. انظر ص 122 من: الاقتراح. كما جعل ما تواتر من كلام العرب دليلاً قطعياً. انظر 1 /113 من: المزهر.
55-شأنها في ذلك شأن (منارة). فقد أطرد استعمال جمعها (منائر) وإن كان قياسه (مناور).
56-في أصول النحو –ص 36.
57-في أصول النحو –ص 37.
58-أنظر 2 /496 من: المزهر.
59-أنظر 2 /253 من: المزهر.
60-الخصائص 1 /96 –100.
61-الاقتراح –ص 46 –47.
62-الأشباه والنظائر في النحو 1 /463.
63-نص سيبويه في الكتاب على أن العرب لم تستعمل ودع و وذر ماضياً لـ "يدع ويذر"، واستغنت عنهما بـ "ترك"، انظر 2 /284 من: الكتاب –منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات –بيروت –الطبعة 2 –1967.
64-في أصول النحو –ص 33 وما بعد.
65-المزهر 2 /498.
66-انظر ص 279 من: ابن فارس، أحمد –الصاحبي في فقه اللغة – تح: مصطفى الشويمي –مؤسسة بدران –بيروت 1964: والبيت لقيس بن زهير العبسي، وهو غير منسوب لصاحبه في الصاحبي.
67-المزهر 2 /333.
68-الأشباه والنظائر في النحو 1 /338.
69-الخصائص 2 /315. والبيت غير منسوب لصاحبه في الخصائص. ولم يقطع محققاً ديوان إبراهيم بن هرمة بنسبته إليه، فذكاره في القسم الثاني الخاص بالمختلط من شعر إبراهيم. انظر ص 239 من: شعر إبراهيم بن هرمة –تح: محمد نظام وحسين عطوان –مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1969، ولهذا البيت روايات أخرى في كتب النحو. انظر 2 /338 من: الأشباه والنظائر في النحو.
70-الأشباه والنظائر في النحو 2 /338.
71-الاقتراح –ص 55.
72-الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري 2 /580.
73-الاقتراح –ص 55، والإنصاف 2 /582 –583.
74-انظر ص 70 من: في أصول النحو.
75-انظر 1 /30 (الهامش 17) من: الإنصاف.
76-الاقتراح –ص 107.
77-معجم شوارد النحو –رفيق فاخوري –مطابع الفجر الحديثة –حمص 1971 –ص 122.
78-ترتيب القاموس المحيط للزاوي 3 /425 والقاموس المحيط 4 /371 والمعجم الوسيط 1 /664 والمعجم المدرسي 770.
79-انظر معرفة آداب اللغوي في المزهر 2 /302.
80-الاقتراح –ص 30 –31.
81-انظر ص 67 من: في أصول النحو.
28-انظر ص 93 من: درويش، د. عدنان –اتهام الجلال السيوطي بين التبرئة والإدانة –مجلة التراث العربي –دمشق –العدد 51 –نيسان 1993.
-----------------------------------------
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 59 - السنة 15 - نيسان "أبريل" 1995 - ذي القعدة 1415
http://awu-dam.org/trath/59/turath59-007.htm